Top Ad unit 728 × 90

أخبار الأدب

تاريخ الأدب العربي

من شعراء العصر الجاهلي : عمرو بن كلثوم

عمرو بن كلثوم

نسبه:
هو عمرو بن كلثوم بن عمرو بن مالك بن عتّاب بن سعد بن زهير بن جُشَم بن حُبيب بن غنم بن تغلب بن وائل


 مولده ووفاته:
على بعض الأقوال أنه ولد سنة 420 للميلاد وتوفى سنة 570م، وتوجد أقوال أخرى مختلفة وبينهما فارق زمني كبير.


صفاته:
كان من أعز الناس نفسًا وأشدهم فخرًا، وساد قومه وهو ابن خمسة عشر عامًا وأصبح شيخ قبيلته، وعمّر طويلا وتوفى عن حوالي مائة وخمسين سنة.


أغراض شعره:
أغلب شعر عمرو بن كلثوم في الفخر والهجاء، وقد قال معلقته على أجزاء في حياته، حتى قيل أنها تبلغ ما يقرب من ألف بيتٍ!، ولكن ما وصل لنا هو ما حفظه الناس منها!، وعمرو بن كلثوم شاعر من المقلين بالفعل ويشهد ذلك ما وصل لنا من شعره بالرغم من عمره الطويل، وسبب ذلك أنه لم يتخذ الشعر كوسيلة يخرج به مشاعره المختلفة إلا مشاعر الفخر والهجاء لأعداء قبيلته، ولذلك فالنسيب في شعره قليل للغاية، ثم أن القصائد في ذلك الزمان كانت تقوم مقام الخطب السياسية فما بالكم إذ كان عمرو بن كلثوم هو زعيم أمته.

شيء من حياته:
ارتبطت ولادة أمه (ليلى بنت المهلهل ) وولادته هو أيضًا بأساطير، فيقال إنّ المهلهل لما تزوج هنداً بنت بعج بن عتبة ولدت له ليلى فقال المهلهل لامرأته هند: اقتليها، على عادة عرب الجاهلية، فلم تفعل أمها، وأمرت خادماً لها أن تغيّبها عنها. فلما نام المهلهل هتف به هاتف يقول:


كم من فتى مؤمَّلِ = وسيّد شَمَرْدَلِ
وعُدّةٍ لا تجْهَلِ = في بطنِ بنتِ مهلهلِ

فاستيقظ مذعوراً وقال: يا هند أين ابنتي، فقالت: قتلتها. قال: كلاّ وإله ربيعة، وكان أول من حلف بها، فأصدقيني. فأخبرته، فقال: أحسني غذاءها، فتزوّجها كلثوم بن عمرو ابن مالك بن عتّاب. فلما حملت بعمرو، قالت: إنه أتاني آتٍ في المنام فقال:

يا لك ليلى من ولد = يُقدِمُ إقدام الأسدْ

من جُشمٍ فيه العددْ  = أقول قيلاً لا فَنَدْ

فولدت عمراً. ولما أتت عليه سنة قالت: أتاني ذلك الآتي في الليل فأشار إلى الصبيّ وقال:

إني زعيمُ لكِ أمَّ عمرو = بماجدِ الجدّ كريم النَّجْرِ
أشجعُ من ذي لبيدٍ هزبرِ = وقّاص آدابٍ شديد الأشْرِ
يسودُهم في خمسةٍ وعشرِ

وقد قيل إنه كان الأمر كما سمعت وساد عمرو بن كلثوم قومه تغلب وهو ابن خمس عشرة سنة. وتغلب هم من هم في الشرف والسيادة والمجد وضخامة العدد وجلال المحتد والأرومة. وأسرة عمرو سادات تغلب ورؤساؤها وفرسانها حتى قيل: لو أبطأ الإسلام لأكلت تغلب الناس. ولد ونشأ في أرض قومه التغلبيين، وكانوا يسكنون الجزيرة الفراتية وما حولها، وتخضع قبيلته لنفوذ ملوك الحيرة مع استقلالهم التام في شؤونهم الخاصة والعامة، والحيرة كما نعلم إمارة عربية أقامها الفرس على حدود الجزيرة العربية وحموها بالسلاح والجنود.
ولد عمرو إذاً بين مجد وحسب وجاه وسلطان، فنشأ شجاعاً هماماً خطيباً جامعاً لخصال الخير والسؤدد والشرف، وبعد قليل ساد قومه وأخذ مكان أبيه، وقال الشعر وأجاد فيه وإن كان من المقلّين.


معلقته:
أورد أبو الفرج في كتاب الأغاني قصة نظم معلقته فقال:
أخبرنا إبراهيم بن أيوب عن ابن قتيبة: أن عمرو بن هند قال ذات يوم لندمائه: هل تعلمون أحداً من العرب تأنف أمه من خدمة أمي، فقالوا: نعم! أم عمرو بن كلثوم. قال: ولم، قالوا: لأن أباها مهلهل بن ربيعة، وعمها كليب وائل أعز العرب، وبعلها كلثوم بن مالك أفرس العرب، وابنها عمرو وهو سيد قومه. فأرسل عمرو بن هند إلى عمرو بن كلثوم يستزيره ويسأله أن تزور أمه أمه. فأقبل عمرو من الجزيرة إلى الحيرة في جماعة من بني تغلب. وأمر عمرو بن هند برواقه فضرب فيما بين الحيرة والفرات، وأرسل إلى وجوه أهل مملكته فحضروا في وجوه بني تغلب. فدخل عمرو بن كلثوم على عمر بن هند في رواقه، ودخلت ليلى وهند في قبة من جانب الرواق. وكانت هند عمة امرئ القيس بن حجر الشاعر، وكانت أم ليلى بنت مهلهل بنت أخي فاطمة بنت ربيعة التي هي أم امرئ القيس، وبينهما هذا النسب. وقد كان عمرو بن هند أمر أمه أن تنحي الخدم إذا دعا بالطرف وتستخدم ليلى. فدعا عمرو بمائدةٍ ثم دعا بالطرف. فقالت هند: ناوليني يا ليلى ذلك الطبق. فقالت ليلى: لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها. فأعادت عليها وألحت. فصاحت ليلى: واذلاه! يا لتغلب! فسمعها عمرو بن كلثوم فثار الدم في وجهه، ونظر إلى عمر بن هند فعرف الشر في وجهه، فوثب عمرو بن كلثوم إلى سيفٍ لعمرو بن هند معلقٍ بالرواق ليس هناك سيف غيره، فضرب به رأس عمرو بن هند، ونادى في بني تغلب، فانتهبوا ما في الرواق وساقوا نجائبه، وساروا نحو الجزيرة.


نماذج من شعره :
1- معلقته الشهيرة التي تداولها الناس قديما وحديثا والتي حرص الناس من قبيلة الشاعر على تعليمها لأولادهم، نقتبس منها هذه الأبيات المعبرة:

وَقَـدْ عَلِمَ القَبَـائِلُ مِنْ مَعَـدٍّ = إِذَا قُبَـبٌ بِأَبطَحِـهَا بُنِيْنَــا
بِأَنَّـا المُطْعِمُـوْنَ إِذَا قَدَرْنَــا = وَأَنَّـا المُهْلِكُـوْنَ إِذَا ابْتُلِيْنَــا
وَأَنَّـا المَانِعُـوْنَ لِمَـا أَرَدْنَـا = وَأَنَّـا النَّـازِلُوْنَ بِحَيْثُ شِيْنَـا
وَأَنَّـا التَـارِكُوْنَ إِذَا سَخِطْنَـا  = وَأَنَّـا الآخِـذُوْنَ إِذَا رَضِيْنَـا
وَأَنَّـا العَاصِمُـوْنَ إِذَا أُطِعْنَـا = وَأَنَّـا العَازِمُـوْنَ إِذَا عُصِيْنَـا
وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا المَاءَ صَفْـواً = وَيَشْـرَبُ غَيْرُنَا كَدِراً وَطِيْنَـا

وفي سائر ديوانه نلمح نبرة الفخر هذه ونبل أخلاق التي هي أخلاق الفرسان في أنه لا يخفي مشاعره لأحد سواء بغضا أو حبا، فيقول ويعرّض بأحد أعدائه:

كَـمْ مِـنْ عَــدُوٍّ جَـاهــدٍ = بـالـشَّـرِّ لَـوْ يَسْطِيـعُ شَـرَّا
يَغْـتَـابُ عِـرْضِـي غَـائِـبـاً  = فَـإِذَا تَـلاقَيـنَـا اقْـشَـعَـرَّا
يُـبْـدِي كَـلامــاً لَـيِّـنـاً = عِنْـدِي وَيَحْقِـرُ مُـسْـتَـسِـرَّا
إِنِّـــي امْـــرُؤٌ أُبْـــدِي = مُخَـالَفَـتِـي وَأَكْـرَهُ أَنْ أُسِـرَّا
مِـنْ عُـصْـبَـةٍ شُـمِّ الأُنُـوفِ = تَـرَى عَـدُوَّهُــمُ مُـصِــرَّا

ويمضي ديوانه على نبرة الفخر واستخدام ضمير الجمع، نحن، وما فيه من الدلالة للقوة والفخر بنفسه وقبيلته، والجانب الآخر من ديوانه يتركز على نبرة الهجاء الحادة، واقتبس من الجزء الآخر هذه الأبيات الدالة:

أَلاَ مَـنْ مُبْلِـغٌ عَمْـرَو بْنَ هِنْـدٍ = فَمَا رُعِيَـتْ ذَمَامَـةُ مَـنْ رَعَيْتَـا
أتَغصـبُ مَالكـاً بِذُنُـوبِ تَيْـمٍ  = لَقَـدْ جِئْـتَ المَحَـارِمَ واعْتَدَيْتَـا
فَـلَـوْلاَ نِعْمَـةٌ لأبِـيـكَ فِينَـا  = لَقَـدْ فُضَّـتْ قَنَاتُـكَ أَوْ ثَوَيْتَـا
سَتَعْلَـمُ حِيـنَ تَخْتَلِـفُ العَوَالِـي = مَـنِ الحَامُـونَ ثَغْـرَكَ إِنْ هَوَيْتَـا
وَمَنْ يَغْشَـى الحُـرُوبَ بِمُلْهِبَـاتٍ = تُـهَـدِّمُ كُـلَّ بُنْـيَـانٍ بَنَيْـتَـا

وقوله:

أَلاَ أبْلِـغْ بَنِـي جُشَـمَ بْنِ بَكْـرٍ = وَتَغْـلِـبَ كُلَّمَـا أَتَيَـا حِـلاَلا
بِـأَنَّ المَاجِـدَ القَـرْمَ ابْنَ عَمْـرو = غَدَاةَ نَطَـاعِ قَـدْ صَـدَقَ القِتَـالا
كَتِـيـبَـتُـهُ مُلَمْـلَـمَـةٌ رَدَاحٌ = إِذَا يَـرْمُـونَهـا تُفْـنِـي النِّبَـالا

وغير ذلك، وأجزم أنك رغم صعوبة بعض الكلمات إلا أنه لم يخالجك شك في معناها، وتستطيع من القراءة الأولى أن تفهم غرضه وما يريده، وهذا من جمال اللغة العربية، ففي كتاب البلاغة الواضحة ضربوا هذا المثل البسيط للتلامذة، فقالوا إذا وضعنا لديك كلمتيْ (مزنة) ، و(جهام) مثلا، أيهم تظنه يحمل المعنى الألطف على غير سابق معرفة بهما، فالاختيار سيكون في صالح (المزنة) بالتأكيد والتي تعني بهذه المناسبة السحاب الأبيض الرقيق، هذا الأمر أيضًا تستطيع تطبيقه على هذه الأبيات، فمعناها في هذا الوضوح وألفاظها قوية غليظة في مجال الحرب مثل (مُلَمْـلَـمَـةٌ رَدَاحٌ) فأنك لا تحتاج لكثير وقت لتدرك أنه يقصد وصف الكتيبة بالضخامة والثقل وكثرة الفرسان.
وصيته حين الموت:
ورد أنه لما حضرت عمرو بن كلثومٍ الوفاة وقد أتت عليه خمسون ومائة سنة، جمع بنيه فقال: يا بني، قد بلغت من العمر ما لم يبلغه أحد من آبائي، ولا بد أن ينزل بي ما نزل بهم من الموت. وإني والله ما عيرت أحداً بشيء إلا عيرت بمثله، إن كان حقاً فحقاً، وإن كان باطلاً فباطلاً. ومن سب سب؛ فكفوا عن الشتم فإنه أسلم لكم، وأحسنوا جواركم يحسن ثناؤكم، وامنعوا من ضيم الغريب؛ فرب رجلٍ خير من ألف، ورد خير من خلف. وإذا حدثتم فعوا، وإذا حدثتم فأوجزوا؛ فإن مع الإكثار تكون الأهذار . وأشجع القوم العطوف بعد الكر، كما أن أكرم المنايا القتل. ولا خير فيمن لا روية له عند الغضب، ولا من إذا عوتب لم يعتب . ومن الناس من لا يرجى خيره، ولا يخاف شره؛ فبكؤه خير من دره، وعقوقه خير من بره. ولا تتزوجوا في حيكم فإنه يؤدي إلى قبيح البغض.”




من شعراء العصر الجاهلي : عمرو بن كلثوم Reviewed by jalal am on 12:48:00 ص Rating: 5

هناك تعليقان (2):

جميع الحقوق محفوظة لدى مدونة عمران في الدراسات العربية © 2020 - 2021
Powered By blogger

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.